|
|
|
السلام عليكم ورحمة الله , أنا لدي مجموعة مناظرات بين الداعية أحمد ديدات - رحمة الله - وبين علماء مسيحيين يطعنون في دين الإسلام والنبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن .
والداعية - رحمه الله - رد عليهم بلسان صادق ؛ لسان الحق ، لسان الإنسان العاقل الذي لا يقبل التفاهات وأعجزهم بكلامه وقد ثارت الدماء حتى رؤوسهم بسبب عجزهم عن توضيح أوهامهم حول كون المسيح ابن الله وغير ذلك من الأباطيل ... ولكنني حين مشاهدتي للمناظرات سمعت القسيسين يتحدثون بلغة إن غفل عنها المسلم أو لم يتنبه لهدفها فربما تقنعه بالديانة المسيحية وذلك للمسلمين ضعاف الإيمان , ومن باب الحيطة ألغيت كل المشاركات - من جانبي - المتعلقة بهذا الموضوع في إحدى المنتديات ؛ وحذفت كل شيء حتى أتحقق جيداً من فضيلتكم , فماذا ترون جزاكم الله خيراً ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من وآلاه و بعد : و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أخي الكريم : اعلم أن الله تبارك وتعالى لم يُنعم على عبده نعمة أتمّ ولا أعظم عليه من نعمته عليه بالهداية لصراطه المستقيم، وتوفيقه للإسلام وللسنة والجماعة ، فكم من محروم من هذه النعمة ، وقد أعطاك الله تبارك وتعالى إياها تفضلاً و إحساناً بدون استحقاق منك عليه جل وتعالى فاعرف لهذه النعمة قدرها. وقد استشعر الصحابة والسلف الصالح عظيم منّة الله عليهم بتوفيقه لهم وهدايتهإياهم إلى السنة بعد أن هداهم للإسلام: فعن معاوية بن قرة أن سالم بن عبد الله حدثه عن ابن عمر قال: ما فرحتُ بشيء من الإسلام أشد فرحاً بأنّ قلبي لم يدخله شيءٌ من هذه الأهواء . وقال أبو العالية : ما أدري أي الغُنمين عليَّ أعظم : إذْ أخرجني الله من الشرك إلى الإسلام أو عصمني في الإسلام أن يكون لي فيه هوى .
اللالكائي : 1/130 . و لتحذر – رعاك الله وسددك – من الشبهات فهي أمراض معدية يجب التوقي من الإصابة بها فـ ((القلوب ضعيفة والشُبَه خطافة)) . سير أعلام النبلاء : 7/261 . و لا يجوز الخوض مع الكفار أو مع أهل البدع في مناظرات لاسيما لمن لا علمَ لديه و لا سلاح . ولذلك فالواجب على المسلم ألا يجعل من قلبه مسكناً للشبه، قال ابن تيمية لتلميذه ابن القيم ناصحاً: (( لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشْربتَ قلبك كل شبهة تمر عليك صار مقراً للشبهات أو كما قال )) . مفتاح دار السعادة : 140 . و من هنا نوصيك بأمرين : الأمر الأول : الحرص على العلم دينك لا سيما ما يهم مسائل التوحيد و ما تحتاجه في يومك وليلتك ، قال تبارك وتعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) [محمد : 19] . الأمر الثاني : البعد عن سماع الشبهات و تقصدها ، و ما أجمل هذا المثل الذي ضربه ابن القيم – رحمه الله – حيثُ يقول : ( يكون حال السائر إلى الله والدار الآخرة مع الشبه حال المسافر تعرض له الآفات من العقارب والحيات وغيرها، فما عرض له منها في طريقه قتله، وما لا فلا يتّبعه ولا يبحث عنه إذ لو فعل ذلك لانقطع عن سفره وضل الطريق ) . مدارج السالكين:2/314 . و المجادلة و تتبع الشبه للرد عليها يكون للمتمكنين من العلم و الإيمان و لهذا لا أرى لك بث تلك المناظرات على العامة أو ضعاف الإيمان ، و يمكن لك أن تنقل هذه المناظرات إلى مواقع النصارى ، ومنتدياتهم ؛ حتى تؤثر عليهم و تكون سبباً في هدايتهم ، أو تشكيكهم في النصرانية المحرفة . وفقك الله وسددك و بارك فيك . و صلى الله وسلم على محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين .
|
|
|
|
|
|
|